تلقينا، يوم الثلاثاء الماضي، اتصالا هاتفيا من رقم مجهول، من ممثلي البلدية، حيث تمت دعوتنا لاجتماع يوم الخميس في مكاتب المكمله في يافا بحضور رئيس البلديه، بخصوص مقبرة طاسو، حيث ترغب البلدية في أن تطرح علينا حلها النهائي لموضوع المقبرة. حين تم توجيه سؤال للمتصلين حول الخطوط الرئيسية للمخطط، كان ردهم هو أن المخطط سيتم استعراضه في اللقاء.
في ذلك المساء، اجتمعت لجنة الدفاع عن مقبرة طاسو من أجل محاولة استقراء ما الذي سيحصل أثناء اللقاء برئيس البلدية، وبهدف بلورة موقف موحّد، وقد اتضح سريعا جدا أنه رغم وجود بضعة محاولات ومطالبات من طرفنا لفهم ماهية المخطط المقترح من قبل البلدية وممثليها، بأن البلدية قد تجاهلت هذه المطالب تماما، بمعنى أننا قد تم استدعاؤنا جميعا إلى اجتماع خلال 48 ساعة بخصوص الموضوع الأهم في المدينة منذ نحو أربعين عاما، لكي نطلع على ما اتفقت عليه كلا من البلدية وشركة "يوسي هشكعوت" فيما يتعلق بالمقبرة الوحيدة التي تبقت لنا، وهي المقبرة التي جرى بيع نصف مساحتها بطريقة مشبوهة وتتعارض مع موقف السكان، وقد تم اتخاذ قرار بشأن هذا المخطط من دون الاستماع إلى موقفنا أو حتى استشارتنا، رغم أننا قلنا مرارا وتكرارا، وبشكل ثابت وموحد بأن أي قرار مرتبط بمقبرة طاسو يخص كل من يهتم بموضوع المقبرة.
قررت اللجنة طلب تأجيل الاجتماع بعد المطالبة بوثيقة المخطط قبل إجراء اللقاء، وذلك لكي نعرف عما يدور الحديث، ولكي نتندارس من إسقاطات وآثار هذا المخطط ناحيتين قضائية ومهنية. لكن البلدية قد قابلت مقترحنا بالرفض.
في اليوم التالي، أثناء اجتماع الهيئة الإسلامية مع الهيئة العامة، وقفنا أمام مئات الناس وأوضحنا لهم بأن موقف الهيئة يتمثل في التزامنا بقرار لجنة حماية مقبرة طاسو، بل وأننا نتوقع من جميع ممثلي المدينة التمسك بقرارات اللجنة وعدم الحياد عن خطها، فموضوع الدفاع عن المقبرة هو الموضوع الوحيد الذي يخلق إجماعا في هذه المدينة، مفاد الموقف أن مقبرة طاسو، بكل مساحتها، تعود لنا، وبأن حمايتها هو واجبنا والتزامنا، وأنه لا تفاوض أو تفريض في مقبرة طاسو.
ورغم ذلك، ورغم الإجماع الكائن في المدينة حول موقف لجنة حماية مقبرة طاسو، قررت ثلة صغيرة من رجال الأعمال وممثلي البلدية خرق وحدة الصف، ولأسفنا فقد قرر أولئك المشاركة في اللقاء مع البلدية. ومع أسفنا الشديد المتعلق بمسألة الاستخفاف باللجنة والناشطين المتطوعين فيها، إلا أن الكارثة لم تتلخص فقط في حضور هذا اللقاء، وذلك لأن المخطط الذي تم طرحه لم يكن مخططا مثيرا للأسف فحسب، بل وأنه، في ماهيّته، مخطط خطير.
كما تم النشر في يافا 48، فإن البلدية، من خلال وزارة المالية، ستقوم بمصادرة أراضي المقبرة، وستقوم مقابلها بمنح يوسي هشكعوت تعويضا متمثلا في تصاريح البناء، وستقوم بتحويلها إلى هيئة تدير المقبرة، وعلى التوازي، ستقوم البلدية، قضائيا، بتنظيم الثمانين دونما، وستقوم منذ الشهر المقبل بالشروع في مخططات التسوية.
أولا: إن المقبرة بأسرها تعود لنا، ولذا، فإننا غير ملزمين بأي شيء تجاه شركة يوسي هشكعوت التي اشترت المقبرة بطريقة قذرة وغير أخلاقية. ومن غير المعقول أن ندخل في مفاوضات على أرض تخصنا أصلا ... إن الادعاء القائل بأن هذا هو الأمر الواقع وأن علينا أن نقبل به هو ادعاء غير مقنع، وذلك لأن التزامنا الأخلاقي يتمثل في النضال من أجل حقنا والنضال ضد الظلم التاريخي الممارس ضدنا، وعدم الموافقة عليه.
ثانيا: يتمثل اقتراح البلدية في إقامة لجنة من غير الواضح من سيكون ممثلا فيها، وهذه اللجنة هي من تحدد لنا كيف ندير مقبرتنا، بحيث نضع أنفسنا ورسوم الدفن في المستقبل تحت رعاية البلدية وممثليها، هؤلاء الذين في المرة تلو الأخرى عملوا ضدنا في قضايا تهم المدينة، وينبغي علينا أن نذكر بأن هذه هي ذات البلدية التي قامت، بمرافقة المئات من رجال الشرطة، بالدخول إلى المقبرة في وسط الليل، كما يفعل اللصوص، من أجل هدم المعرشات في المقبرة، وحتى لو كان ممثلو هذه اللجنة يافويين، فإننا سنتعامل معهم باعتبارهم ممثلين للبلدية ويعملون لصالحها، طالما لم يتم اختيارهم من خلال لجاننا المنتخبة.
ثالثا: إن عملية" البيع" كانت لنصف المقبرة، بمعنى 40 دونما، فكيف يعقل أن نقوم بالتخلي عن الأربعين دونما الأخرى؟ هكذا ستقوم البلدية بمصادرة أربعين دونما من شركة يوسي هشكعوت، وأربعين دونما أخرى من السكان المسلمين؟!
لذا، لا تزال مقبرة طاسو في خطر، وإن كنّا، حتى اللحظة، ندير شؤون الدفن من خلال لجنة إكرام الميت، التي أقامتها الهيئة الإسلامية المنتخبة، التي راعت الحالة الاقتصادية للناس، وعملت بتعاون كامل مع المجتمع، واهتمت بأن توضح الأمور بخصوص أي تغيير أو تخطيط في المقبرة. فإن المخطط الذي تقترحه البلدية يعني أن البلدية ستسيطر على كل الشؤون، وستعين رجالها في مواضع تحكّم فيها يرتبط بشؤون الدفن، بما يشمل تقسيم المقبرة.
ولن أتفاجأ إن قررت اللجنة إلزامنا بدفع مبالغ مالية مرتبطة بالدفن، ولن أستغرب اذا ما قامت بتحديد مواعيد لزيارة المقبرة. إن بلدية تل أبيب، لمن لا يعلم، قد استخدمت النموذج ذاته في الماضي في المدينة القديمة وفي ميناء يافا من خلال لجنة إدارة يافا القديمة، وهي ذات الشركة التي تعمل بإصرار على إقصاء المجتمع العربي عن هذه المناطق. يُحسب لصالح رئيس البلدية الذي وقف للحديث مع ممثليه الذين أتوا للاجتماع معه، معترفا أن البلدية، في المرة تلو الأخرى، لم تلتزم بوعودها تجاه السكان العرب في يافا، إن كان رئيس البلدية نفسه يعترف بالأمر على هذا النحو، فإن توقعه أن نظن بأن البلدية قد "تغيرت" سيكون بمثابة استهانة بذكائنا، وما دامت البلدية تسعى إلى المساعدة، فإنني أنصحها بأن ترفع يدها عن جميع أماكننا المقدسة والأوقاف.
إن نضالنا من أجل تحرير مقبرة طاسو مستمر، وإن كنا نحترم ذواتنا، فإن التزامنا بالتمسك بالقيادة المنتخبة وبلجنة حماية مقبرة طاسو، وبعدم السماح لمن لم نسمح لهم بتمثيلنا، ينبغي أن يدفعنا إلى عدم السماح لهم باتخاذ قرارات باسمنا. هل علينا أن نذكّر بأنهم بهذه الطريقة دخلوا إلى مسألة بيع نصف أرض مقبرة طاسو؟.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]