قالت معلمة القرآن والداعية هيفاء شلش عن السيدة وفاء عباهرة ضحية حادثة الطعن في عرابة:
أيتها النفس المطمئنة
رحمك الله وغفر لك أيتها الطيبة
وفاء.....تلك المراة التقية الصادقة التي رافقتني أكثر من عشرين عاما في مسيرتي الدعوية، وكثير هي الأوقات التي كنا نقضيها معا لتحدثني عن بعض همومها وأحزانها وأوجاعها.
حملت من مزايا الأدب والخلق ما لم تحمله الكثيرات..لم يعرف لسانها يوما المسبة والشتيمة والكلام الفاحش البذيء على من ظلمها، كل ما يهمها رضى الله وشرعه..
كانت دائما تستشعر مراقبة الله عز وجل في تصرفاتها فتستحي من مخالفته وتجاهد نفسها في طاعته والتقرب منه والأنس به ولهذا كانت نفسها صافية زكية وهواها مُقيد بشرع ربها.
وفاء الصابرة........
قبل طلاقها كانت زوجة صابرة، كيف لا وهي الصالحة الحافظة لحرمة الرباط المقدس بينها وبين زوجها في غيبته وحضوره، حاولت أن تتمسك بزواجها من أجل ابنائها وأسرتها وتحملت وحملت أثقال الهموم والمصاعب والالام بصبرها فهي الزوجة الودود الحانية المحبة التي تفكر بعقل ومنطق وتدبر من أجل أن تتخطى العقبات داخل أسرتها.
صديقتي وحبيبتي وفاء كانت مصدر كبير للخير والبركة والسعادة داخل أسرتها وخارجها...كلما رأتني ومجموعتي تبتسم من بعيد رغم همومها لم يعرف وجهها العبوس اذا لم يعجبها شيء بل تكتفي بالصمت، صدقًا لا اتكلم عن ملاك ولكنّي أحدثكم عن إنسانة كالملاك....
وفاء والقرآن......
قبل وفاتها بيومين كان لها معي لقاء لتقرأ علي سورة من القرآن(كانت معنا في مشروع حفظ القرآن الكريم )حيث وصلت بحفظها الى الجزء العشرين....والشيء الذي نقف عنده متأملين أن آخر ما قرأت من القرآن (وما ربك بغافل عما يعملون). كانت محبة للقرءان وحريصة على أن تحفظه كاملا واذا قصرت اسبوعا واحدا في برنامج الحفظ تراها تجاهد حتى تصل حيث هدفها....
عند التسميع تجلس أمامي بأكمل الأحوال واكرم الشمائل..جلسة المتعلمين تقرأ بذوق وادب بتركيز وخشوع قراءة تمكين وتثبيت لا تلتفت يمينا ولا شمالا وعندما تنهي ما عليها تراها تشكرني بكلماتها التي لا يمكن أن انساها(الله يسعدك..جزاك الله خيرا...حفظك الله ورعاك ..بارك الله فيك)
رغم انقطاعها عن المجموعة لظروف خاصة لم يمنعها ذلك ان تتواصل معي بسرية تامة حفاظا عليها وعلى سلامة بناتها وتقرأ علي ما حفظت من القرآن...وعندما استقرت الاحوال نوعا ما عادت الى المجموعة سعيدة وكأنها ملكت الدنيا وما فيها وكتبت قائلة(والله بزيدني شرف للإنضمام والعودة من جديد لأخواتي بالله.. أسأل الله العظيم أن يظلنا في ظله يوم القيامة جميعا)
ومما يثلج الصدر أن غاليتي #وفاء رحمها الله قبل اكثر من ستة اشهر أصرت على أن تكفل يتيم رغم وضعها وعندما سُئِلت لماذا تكفلين بهذه الظروف قالت(عسى الله أن يفرج همي بهذه الكفالة) وقبل وفاتها بشهر ذهبت الى أخت لنا في المجموعة وقالت(هذا مبلغ للكفالة عن شهرين لاني لا اعلم ماذا يحدث لي).
هذه هي وفاء الصابرة المؤمنة القانتة الطاهرة الشريفة ...اسال الله سبحانه ان تكون عنده من الشهيدات..اللهم اكتبها عندك من الحافظات لكتابك...ربي استجب دعائها بان تظلها وتظلنا جميعا في ظلك يوم القيامة...
وأخيرا رحمك الله ساشتاق اليك والألم يعتصر قلبي...سأشتاق لتلاوتك وسماع صوتك...سنفتقدك في كل مرة نتلو فيها كتاب الله ...
إلى اللقاء حبيبتي ورفيقة عمري، إلى اللقاء في جنات الخلد بإذن الله...عذرا منك هذه المرة سأقول أنتِ معلمتي وقدوتي أيتها الوفاء الصابرة.
غفر الله لك ورحمك واكرم نزلك ووسع مدخلك وثبتك ربي بالقول الثابت عند السؤال.
معلمة القرآن والداعية...هيفاء سليمان سليمان(شلش).
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]