إن وجبة السُّحُور في شهر رمضان الكريم عمل مُستحب ، وقد جاء في الحديث الصحيح المتفقِ عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السُّحُور بَرَكَةً ) فحري للصائم ان يتسحر بالليل ، وهو الأكل والشرب وقت السحر استعداداً للصيام.
وقد ذكرت الحكمة من ذلك وهي حلولُ البركة ، والبركةُ إنما تكون من الله ولا تنال إلا بطاعته عز وجل والبركة كذلك تعني الزيادة في الخير والأجر وكل ما يحتاجه العبد من منافع الدنيا والآخرة ، ومما يلحظ على بعض الصائمين أنه لا يأبه بوجبة السحور ، ولا بتأخيرها فربما تركها وربما تناول الطعام في منتصف الليل أو قبل أن ينام ، إما لخوفه من عدم القيام أو لرغبته في النوم مدة أطول أو لقلة مبالاته بالسحور وبركاته أو لجهله بذلك.
وهذا خلل وخطأ لما فيه من مخالفة السُّنة ، وحرمان بركات السحور ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( السُّحُورُ كُلُّهُ بَرَكَةٌ فَلا تَدَعُوهُ وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ فَإِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ ) رواه أحمد وحسنه الألباني ، فعلى الصائم أن يتسحَّر وأن يؤخر سحوره إلى ما قبيل الفجر ، وهو افضل اوقات للسحور ، فعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالسُّحُورِ قَالَ قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً ) رواه البخاري ومسلم ، ففي هذا الحديث النبوي الشريف دليل على أنه يستحب تأخير السحور قبل آذان الفجر بقليل ، وتعجيل السحور من منتصف الليل جائز لكن تأخيره افضل وأبرك ومن السُّنة.
فإن السحور سمي بذلك لأنه يقع في وقت السحر وهو آخر الليل ، والإنسان إذا تسحر نصف الليل قد تفوته صلاة الفجر لغلبة النوم ، ثم إن تأخير السحور أرفق بالصائم وأدعى إلى النشاط ، لأن من مقاصد السحور تقوية البدن على الصيام وحفظ نشاطه فكان من الحكمة تأخيره ، اخواتي في الله إن وقت السحور وقت مبارك ، فهو وقت يستحب الصلاة والاستغفار والدعاء فيه ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يَنزِلُ ربُّنا تباركَ وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدُّنيا حين يَبقى ثُلثُ الليل الآخِرُ فيقول : مَن يَدعوني فأستجيبَ له ، مَن يسألني فأُعطِيَه ، من يَستغفِرُني فأغفِرَ له) رواه البخاري ، ومن ذلك أن وقتَ السحرِ من أفضل أوقات الاستغفار إن لم يكن أفضلَها ، كيف ولا وقد أثنى الله عز وجل على المستغفرين في ذلك الوقت بقوله : { وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ } وقوله : { وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } فالقيام للسحور سببٌ لإدراك هذه الفضيلة ، ونيلِ بركات الاستغفار المتعددة.
فعلى المؤمن أي يحرص كل الحرص على تناول هذه الوجبة المباركة والتي أوصانا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى تعينه على صلاة الفجر والاستغفار والعبادة في نهار رمضان وتشد من قوته ليتحمل مشاق الجوع والعطش ، اللهم تقبل منا صيامنا إنك أنت السميع العليم ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم .
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]