إن كثرة الظواهر السلبية الأخذة بالانتشار بمجتمعنا لا تخفى على عين بصيرة ولا تجهلها إلا العين الضريرة، وأما هذه الظواهر الخطيرة الدخيلة على أمتنا على سبيل المثال وليس للحصر العنف والسرقة وشرب الخمر وغيرها من المخالفات الشرعية والأخلاقية ناتجة عن أسباب بالكاد ترى بالعين المجردة ولكنها أدت إلى هذه العواقب الوخيمة، ونحن ندرك أن مجتمعنا يعاني وبشدة من هذه الأمراض ونؤمن بالمقابل من ذلك أن لكل داء دواء، وإن لم تكن حلولنا سحرية آنية وهذا لأننا نفتقد السلطة التنفيذية والقضاء الذي عبره ممكن كبح هذه الظواهر ولكن التاريخ القديم والحديث أثبت أن طرحنا الإسلامي الواضح قادر على تغيير المعادلات للأفضل والأحسن وحتى ولو كان ببرنامج إصلاحي طويل الأمد فرضته علينا الظروف.
إن من هذه الأسباب التي أفرزت اسقاطاتها ما نعايشه اليوم من الظواهر الخبيثة هي ظاهرة أبغض الحلال عند الله ألا وهي الطلاق، هذه النكسة التي ألمت بأسر كثيرة مخلفة في معظم الحالات أزمات نفسية عند الأطفال قد تراكمت منذ صراع الوالدين وحتى الانفصال وما يصحبه عادة من ضائقة اقتصادية تؤثر سلبا على أفراد هذه الأسر والتي هي جزء من المجتمع الكلي، فبمعظم الحالات يؤدي انفصال الوالدين إلى تدني المستوى التعليمي عند الطفل لانشغال افكاره بصراع أهله وربما قد يصل به الأمر إلى ترك مقاعد الدراسة والخروج إلى العمل بجيل مبكر جدا واختلاطه بالغث والسمين من الناس الذين يصطادون بالماء العكر ويستغلون الحالة النفسية والاقتصادية لهذا الفتى ليروج لهم مخدراتهم وسلعهم الفاسدة بالمجتمع لتنتج بعض فترة محدودة شاب لا يجيد غير لغة العنف!، وغيرها من الأثار الأخرى والتي لا يمكن حصرها أبدا وليشكل مشروع طلاق مستقبلي لا سمح الله!.
إن الإسلام لم يُحَرم الطلاق أبداً بل جعله أبغض الحلال عند الله لأنه يؤدي لتشتت الأسر مما يؤثر سلبا بأهلها والمجتمع المحيط كذلك، ولكن أجاز الطلاق بحالات معقدة جدا يكون فيها الطلاق أفضل من العيش المشترك المزدحم بالمشاكل والخلافات، ولكن وضع لنا الدين سبل ومعايير تمكننا بتجاوز امكانية حدوث طلاق أو حتى الحيلولة دون وقوعه، فحث رسول الله صلى الله عليه وسلم الشاب المسلم على الزواج بالفتاة الصالحة فعن أبي هريرة رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك"، فإذا أتبع شباب المسلمين هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فبالطبع ستكون ذات الدين اختيارهم وهكذا ستحلو الحياة بالأسرة الصالحة المتفاهمة المعتصمة بحبل الله، وهذا الأمر له أبعاد كثيرة بالمجتمع ذاته فستقبل فتيات المجتمع على الدين لأن الدين ومرضاة الله من فطرتها وثانيا لأن الشاب صاحب الخُلق الرفيع يريدها متدينة!، وكذلك الأمر عند الشباب حيث خاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذوي الفتيات قائلا: "إذا أتاكم من ترضون دينه و خلقه فأنكحوه.." فهذا الأمر سيحقق مردوده الإيجابي في صفوف الشباب لأنهم سيدركون أن شرف الزواج من الفتاة الصالحة لا يتحقق إلا بصلاح أنفسهم، وبهذه الصورة سيبنى مجتمع صالح متفاهم متناغم.
فاختيار شريك الحياة الصالح واجب وفضيلة، وبعد تحقق البند الأساس هنالك كماليات لا بد من اخذها بالحسبان كتطابق الأجيال وتقارب المستوى الثقافي وكذلك الطبقة الاقتصادية في بعض الأحيان حتى لا يكون الزواج صدمة لطرف من الأطراف بالتفاوت الكبير في أحد متغيرات هذه المعادلة، وأما من أكرمه الله بالزواج من الشباب فأناشده أن يوجه أنظاره نحو سيرة قدوتنا وقائدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالذات في باب تعامله مع زوجاته رضي الله عنهن، وأما أخواتنا الكريمات اللواتي من عليهن ربنا بالستر والزواج فانظرن الى أم أمهات المؤمنين وكيف كن يتصرفن مع صاحب الخُلق العظيم لأننا إذا اقتدينا حق الاقتداء بهم سنحافظ على أسرنا ونحميها من الطلاق، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقني وقارئ المقال بالصلاح ويؤيدنا للإصلاح والشريك الصالح.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]