لا شك أن مشاهد الانتفاضة الشعبية التي قام بها شعب تونس في الأسابيع الأخيرة هي نقطة تحوّل في تاريخ المغرب العربي والأمة العربية عامة. المشاهد التي عرضها تلفزيون الجزيرة في الفترة الأخيرة وخاصة في نهاية هذا الأسبوع , هذه المشاهد شدّت المواطن العربي من النهر إلى النهر من أقصى الجزيرة العربية الى مضيق جبل طارق مرورا بأفريقيا , الجميع يهتف بحياة الشعب التونسي المنتفض ويبارك له النصر وجلاء الظلم والاضطهاد الذي عم بلاده . ويدفع الشعب التونسي كما دفعت الشعوب العربية الأخرى ثمنا لهذا النصر , ثمنا لجلاء الظلم والعدوان والقهر والاستبداد وسيادة الحكام العرب الذين يضربون عرض الحائط باحتياجات شعوبهم لينالوا رضا أسيادهم في الغرب وأمريكا.
ها هو الحلم العربي يتحقق في تونس الخضراء . ها هو الليل ينجلي والقيد ينكسر في شوارع العاصمة التونسية , هي ثورة حتى النصر وانتفاضة حتى زوال الظلم. هي كلمة قالها التونسي ومعه العربي في كل مكان لا للظلم والاستبداد ولا للقهر والاضطهاد ونعم للعيش بكرامة على أرضنا وفي بلادنا العربية . نأكل رغيف الخبز من عرقنا ومن تراب بلادنا بدلا من أن نكون رهينة للحكام العرب والسيطرة الأمريكية حتى على صحن الفول الذي نأكله.
"إما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدى" كما قالها الشاعر الفلسطيني عبد الرحيم محمود ابن الناصرة , ونحن للأسف نعيش في الوطن العربي حياة الذل . إننا إذ نطمح أن تكون انتفاضة الشعب التونسي هي نقطة الانطلاق وبداية النهاية للأنظمة العربية الفاسدة , الأنظمة العربية المستبدة التي تعمل على خدمة وتكريس الاستعمار في عالمنا العربي بدلا من رعاية وتنمية شعوبها الخلاقة.
كثيرون هم أبناء تونس المشردون في دول أوروبا هربا من الحكم الظالم , في فرنسا وبلجيكا وايطاليا ودول أخرى بعد أن جار عليهم الزمن فتركوا أرض الوطن الغالي ولجأوا ا للغربة كالمستجير من الرمضاء إلى النار.
شعب تونس هو شعب صديق لنا وكان أول الشعوب التي رحّبت بقدوم المقاتلين الفلسطينيين من لبنان بعد حرب لبنان عام 1982 وحصار بيروت الجائر لتكون تونس أقرب لفلسطين والشعب الفلسطيني من لبنان المجاورة , ولا أقصد لبنان الشعب ولكن النظام الذي تآمر على شعبنا الفلسطيني وأعلن عليه الحرب وتعاون مع حكام إسرائيل لضرب الفصائل الفلسطينية في لبنان وصبرا وشتيلا تشهدان وقانا دليل أخر.
نحن لا ننسى الوقفة المشرفة للشعب التونسي مع القضية الفلسطينية ولا ننسى وقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني ورفض التطبيع مع إسرائيل ولا ننسى كل ما قام به هذا الشعب الصامد الأبي من أجل القدس وفلسطين وشعب فلسطين.
مشاهد المواطن التونسي يعانق الجندي التونسي تكاد لا تغيب عن أنظارنا ودخلت إلى أعماق قلوبنا واستوطنت هناك , مشاعر الفرح والتأييد والحب لشعب تونس من يافا وفلسطين وكل العالم العربي هو أمر بديهي. الشعب التونسي لم يقل كلمته الأخيرة وهو ماض في ولادة عسيرة لأول دولة ديمقراطية في الشرق العربي , هو ماض حتى تحرير كل الأسرى من سجون الظلم في تونس , ماض لتأكيد سيادة الشعب التونسي على أرضه, ليدحر الاحتلال الغربي الوهمي . وليتغنى شعب تونس ومعه الأمة العربية " وطني حبيبي" أو"أجيال ورا أجيال" وكلّي أمل أن نكون جميعا جزء من هذه الصورة التذكارية المشرفة لنهاية الظلم.
يافا
عبد القادر سطل
15 كانون ثاني 2011
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]