الحمد لله رب العالمين يعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد إمام العادلين وسيد الأنبياء والمرسلين طاغية من الطغاة تتحقق فيه سنة الله في الظالمين ، كما تحققت في غيره من الطغاة قديما وحديثا ،لكنه كغيره ممن هلكوا لايتعظ احدهم بمن سبقه ،فيكون بظلمه وطغيانه عبرة لمن بعده، طاغية تونس الذي حكم شعبه ثلاثة وعشرين عاما بظلم وجبروت ، عادى اولياء الله ، وقهر شعبه بالحديد والنار ،وحارب الاسلام والمسلمين ، فهو اول من طبق السياسة الخبيثة المسماة " تجفيف المنابع" فأدخل الالوف في السجون لأنهم قالوا ربنا الله ، وخلع الحجاب من النساء، وعبث في احكام الشريعة ، ونهب اموال شعبه ،وأحاط نفسه بجند استخفهم فأطاعوه وساموا الشعب سوء العذاب ،وإذا بسنة الله فيه تدمغه فإذا هو زاهق ، ويأبى الله الا أن يذله قبل خروجه طريدا شريدا يتوسل للدول ان تؤيه ،خرج على شعبه يتذلل لهم يتوسل ويتنازل ، ولكن الشعب الابّي رفضه ولفظه وماهي الا ساعات حتى خرج مذمؤما مدحورا .
في الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم "وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد"(هود102)حدثني منذ سنين احد الاطباء الذين زاروا تونس فقال : لايجرؤ أحدهم على صلاة الفجر في المسجد ، بل إنه اذا استيقظت ليتوضأ لصلاة الفجر فإنه يتوضأ على ضياء الشمع ولايشعل المصباح خوفا من رجال الامن "، هكذا حارب هذا الطاغية الدين ليقتلعه من القلوب ولكن هيهات هيهات ، والله تعالى يقول :" يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون "(الصف 8).
إن في هذا الحدث عبرة وعظة لحكام المسلمين وولاة الامور بل ولكل مسلم ، فمن أعظم عبره وعظاته أن عاقبة الظلم الى خسران ، ولو تعاظمت قوة الظالم وتباهى بسلطانه وتحصّن بجنده ، فذاك فرعون تجبرّ وطغى وظلم وقال أنا ربكم الاعلى ، فأخذه الله أخذ عزيز مقتدر وأهلكه وجنده ، "فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين "وهكذا كان مصير الطغاة الظالمين على مرّ التاريخ ،فالظلم محرم بجميع أشكاله ، ظلم المرء لنفسه بالشرك والمعصية، ظلم الحاكم لشعبه ، ظلم القاضي في حكمه، ظلم الرئيس لمرؤسيه ،ظلم صاحب العمل لعماله كلها صور حرمها الشرع الحكيم ،ونبذتها مكارم الاخلاق .
ومن العبر الهامة أن عاقبة الكبر والطغيان الى ذل وهوان ، فالكبر خطيئة إبليس الاولى ، ذمّه رب العزة وتوعّد المتلبس به بالخسران المبين والعذاب المهين قال تعالى:" وقارون وفرعون وهامان و ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين "(العنكبوت39) فالتكبر من صفات أهل النار قال صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبركم بأهل النار ؟ كل عتل جواظ مستكبر )) متفق عليه.فواجب على المسلم أن يتبرأ من الكبر وخصال المتكبرين ، فالتواضع سمة المؤمنين المتقين ومن تواضع لله رفعه .
من عادى أولياء الله فقد آذنه الله بالحرب ، ومن تمردّ على أوامر الله فليبشر بمعيشة ضنكا ،قال تعالى :"ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى" ، لقد تستر هذا الظالم بستار محاربة الارهاب ليحارب الدين ، وطبق سياسة تجفيف المنابع ليناهض الشريعة ، حارب الحجاب وعطّل المساجد، وبدلّ أحكام الشرع،وفتح البلاد لتكون مرتعا للغرب لنشر الانحلال ، لهذا ارتضاه الغرب وسانده ليكون سدّا اما م الصحوة الاسلامية والعودة الرشيدة للاسلام ،وصدق الله تعالى إذ يقول :" ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين "(الجاثية 18-19) شرع الله لايحارب، شرع الله لايعادى ، "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا " (الاحزاب36)،
وفي هذا الموقف الخائن للأمة دليل على عداء الغرب للاسلام وتطبيق شريعته ، وتحريض بعض القادة والمسؤولين على منع تطبيق الشريعة وتمكين الاسلام في واقع المجتمعات الاسلامية، وصدق الله تعالى :" وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين "(الانعام 55) .
نسأل الله تعالى أن يعلي كلمة الحق والدين ، وأن يرفع البلاء عن المسلمين ، وأن يرد كيد الكائدين ، انه نصير المؤمنين وولي المتقين ، واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]