هي أيام مشهودة بتاريخ أمتنا العربية .وبعد ثبات عميق دام لعشرات العقود نعلم علم اليقين عددهم وعدتهم . نعلم عندهم الإصرار والتحدي ونعلم أن هذه المسيرة نحو الحرية يقودها الشباب ونعلم أن وطني الأكبر سيتحرر. وها هي مسيرة التحرر تسابق البرق من تونس الى القاهرة . وبالتحديد القاهرة , ولا نقول مصر لأن القاهرة هي القاهرة وهي الشريان النابض في الجسد العربي الواحد وهي التي ستقهر الظلم والظلمة. مباركة كل خطوة تقومون بها أيها الشباب نحو الحرية . مباركة صرخة الحق والثورة على الظلم والاستبداد.
مباركة وقفتكم المشرّفة وإصراركم عن عدم تنازلكم عن إسقاط النظام برموزه فلا نظام ولا رموز بل تطهير كامل لكل ما يعيدنا إلى جو الفساد والظلم والاستبداد وعلى رأسهم مبارك هذا الذي يلتقط أنفاسه الأخيرة قبل الرحيل المستديم إلى مزبلة التاريخ ،بل وإلى الجحيم كما أشارت إحدى اللافتات في ميدان التحرير وهو اسم على مسمى.
نرجو من الله العلي القدير أن يجعل عامنا هذا عام التحرر من الظلم والقهر والعنجهية السلطوية والفساد. نرجو من الله العلي القدير أن ترسم البسمة على وجوه الفقراء في مصر وتونس وباقي الشعوب العربية وأن يغادر الظلمة وطننا العربي وبدون رجعة وأن يعلم العالم بأسره أن للظلم نهاية وأن شعوبنا العربية لن تتنازل عن حقها بالحرية والكرامة والأمان ولن تتنازل عن حقها بالتعبير الصادق عن ما يجول في خاطرها ,عن أحلامها وعن المستقبل المزهر لها وللأجيال القادمة.
من تونس إلى القاهرة ومن هناك مباشرة إلى يافا ويافا تبقى يافا على رأس مثلث جغرافي رسمه تاريخنا ويشمل يافا والقاهرة وبيروت , هي مدن ورموز هي نبض الأمة العربية . وهي من لم تقل شعوبها كلمتها الأخيرة من أجل الصمود والبقاء ومن أجل العدل والحرية وفوق كل ذلك الكرامة الإنسانية والعزة .
كل واحدة منها تسعى سعيها من أجل إحقاق الحق وازهق الباطل . من أجل العيش بكرامة على من كانت وما زالت أم التاريخ وأم الغريب وأم الشرفاء من أبناء هذا البلد الطيّب الذين أبوا إلا أن تعلو صرخة من العجمي والجبلية في ليلة سوادها دامس إلى أعلى طابق في مبنى بلدية تل أبيب , كفى للظلم وكفى لسياسة التهويد وكفى للغطرسة والديموجاجية ومحاولة ذر الرمل في عيون الناس .
نقول لرئيس البلدية وكل أعوانه في السلطة , فشلت محاولاتكم ومخططاتكم ونقول لهم أن الكلمة الأخيرة ستكون لأبناء يافا، الشرفاء لكل أبناء وبنات يافا الذين خرجوا للشارع ليس حبا في التنزه في شوارع يافا الحزينة بل ليقولوا أول الكلمات ولكن الكلمة الأخيرة ما زالت عالقة في حلوقهم ولم تخرج بعد ولكنها آتية لا محالة.
نعم يافا لليافيين , يافا للشرفاء وأهلنا في يافا موحدون نحو تحقيق الهدف وبكل ثمن ندفع بأرواحنا للدفاع عنها ونموت لنحيا , ونقدم الغالي حرصا عليها. هذا ليس خطابي فأنا لست وحيدا والله الذي خلق السماوات والأرض شاهد على ما يجول في نفوس اليافيين جميعا وبدون استثناء هو شاهد على الظلم والظلمة وشاهد على حرص أهلنا في يافا من أجل البقاء على ترابها الغالي ولن يخيفنا المستوطن ومن يحميه ولن تخيفنا جحافل الجنود القادمة من كل مكان لحماية بؤرة استيطانية ومجموعات الحقد والكراهية , مجموعات تريد أن تطرد أهلنا في يافا من بيوتهم وهو يجهلون أن حجر البيوت في يافا ما زال ينطق بلغة الضاد.
كل الاحترام لكل من ساهم بإنجاح المسيرة والتظاهرة وعلى رأسهم أهلنا في يافا . نشكركم على وعيكم وصمودكم وتفانيكم لإنجاح أول الخطوات وليس آخرها . لقد أثبتم لمن حاول خرسنا وحاول النيل منا أنكم مع الحق وأنكم تريدون أن تكونوا في الصورة, الصورة الحقيقية التي تجمع الشرفاء من أبناء وبنات البلد وأشدد على البنات فهم جزء من النضال ولا تنازل عنه.
وأخيرا أقول أن أهلنا في يافا ليسوا بحاجة لكشف ملفات سرية في الجزيرة أو مستندات مخفية فالأمر واضح وجلي . وكل واحد منا ليحاسب نفسه ويراجع أوراقه ويقرر إذا كان يريد البقاء داخل الصورة أو خارجها. القدر سيستجيب لإرادة الشعوب والحرية مطلب يؤخذ ولا يعطى والعزة والكرامة أمر لا مساومة فيه .
والخطوة القادمة لكم أهلنا في يافا ونحن خلفكم نحو الصمود والكرامة والوجود الأبدي على تراب الوطن الغالي.
يافا لا تخاف البرد في شباط ولا عتمة الليل في كانون
عبد القادر سطل - يافا الحبيبة
شباط 2011
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]