كشف الصِّدام العسكري الإيراني-الإسرائيلي الأخير، عن بعض خفايا التفاهمات الأمريكية-الإيرانية، حيث تبين أن الرد العسكري الإيراني على مقتل قاسم سليماني كان بناءً على تفاهم مسبق مع البيت الأبيض، فهذا ما كشف عنه ترامب. ورغم أننا لا نثق به، إلا أننا نتعامل معه على قاعدة (صدّقك وهو كذوب).
وتبين كذلك أن الرد العسكري الإيراني على قصف القوات الأمريكية للمحطة النووية الإيرانية “فوردو” وقع بعد تفاهم مسبق مع البيت الأبيض. فيوم أن أطلقت إيران صواريخها على القاعدة العسكرية الأمريكية (عديد) في قطر، تم ذلك وفق إعلام مسبق إيراني للبيت الأبيض بهذا الهجوم، الذي كان أقرب إلى التمثيل السينمائي.
ويوم أن نقلّب صفحات ما نعلم عن التفاهمات الأمريكية-الإيرانية، رغم شُحّها، نجد أن هذه التفاهمات قديمة، وكانت قائمة على عهد المرشد الخميني، حيث يذكر الجميع ما عُرف بفضيحة (إيران-جيت) التي هزت البيت الأبيض، وأعادت ترتيبه من جديد خلال الحرب العراقية-الإيرانية.
وإن أنسى فلن أنسى ما صرح به رئيس أركان الجيش الإيراني خلال لقاء له مع النجم الإعلامي أحمد منصور في برنامج (بلا حدود) من على شاشة قناة الجزيرة خلال الغزو الأمريكي لأفغانستان، حيث أكد رئيس أركان الجيش الإيراني ذاك خلال ذلك البرنامج المعلومة التي تقول إن إيران سمحت للطائرات العسكرية الأمريكية المرور من أجوائها، وهي في طريقها لقصف أفغانستان.
هذا بعض ما رشح من هذه التفاهمات الأمريكية-الإيرانية، التي هي كرأس جبل الجليد المغمور في الماء، والذي لا يبدو منه إلا جزء يسير من رأسه، ولذلك فالمخفي أعظم من هذه التفاهمات الأمريكية-الإيرانية.
وعندما هبت رياح الربيع العربي كان كل عاقل حر يرى نماذج هذه التفاهمات الأمريكية-الإيرانية أمام عينيه، وبالبث المباشر، فكان هناك التفاهم الأمريكي-الإيراني حول كيفية الوجود الأمريكي، والوجود الإيراني في سوريا، وبطبيعة الحال كان هناك بناءً على هذا التفاهم، تفاهم آخر أمريكي-إيراني حول السيطرة الأمريكية والسيطرة الإيرانية في سوريا.
ولم تتردد إيران يومها بواسطة دورها المباشر عسكريًا، أو بواسطة وكلائها عسكريًا، أن تجر على الشعب السوري قتل واعتقال وتشريد ثمانية ملايين من هذا الشعب الذي رأى دمار وطنه بعينيه، ورأى براميل الإبادة الجماعية التي كانت تتساقط على نسائه وأطفاله في حلب وحمص وحماة وسائر المدن السورية، ورأى بعينيه التغلغل الإيراني في سوريا بادّعاء الحفاظ على العتبات المقدسة بهدف تشييع سوريا وتشييع المجتمع السوري والحياة السورية.
وكانت إيران تقوم بكل ذلك تزامنًا مع قيام أمريكا ببناء قواعد عسكرية لها في سوريا، وبناء جيش لها من بعض مكونات الشعب السوري يأتمر بأمرها، إلى جانب وضع يدها على خيرات سوريا، وفي مقدمتها النفط السوري، وكأن أمريكا وإيران كانتا قد تقاسمتا سوريا، بناءً على تفاهم أمريكي-إيراني متفق عليه سلفًا، أو مسكوت عنه في أضعف احتمال.
وهكذا، أوقعت إيران مأساة كبرى على الشعب السوري بعامّة، وعلى المخيمات الفلسطينية في سوريا بخاصّة، وتم تهجير وتدمير معظم تلك المخيمات، ولجأ أهلها (اللاجئون أصلًا) إلى دول شتى في العالم.
وهكذا، أسقطت إيران أساسًا من أسس حق العودة الفلسطينية، وما قامت به إيران في سوريا، قامت به قبل ذلك في العراق، فكان هناك التفاهم الأمريكي-الإيراني حول الوجود والنفوذ الأمريكي، وحول الوجود والنفوذ الإيراني في العراق، وعلى أثر ذلك تواصلت مأساة الشعب العراقي بعامّة في العراق، وتواصلت مأساة اللاجئين الفلسطينيين بخاصّة في العراق، وبرز دور الحشد الشعبي أداة التنفيذ العسكرية الإيرانية في العراق، وبرز دور حزمة من تنظيمات عسكرية عراقية أخرى ذات مسميات مختلفة، كانت كلها، ولا تزال، تأتمر بأمر إيران.
فماذا كانت نتيجة هذه المأساة الكبرى التي أوقعتها إيران على العراق؟ كان من نتيجتها أن تحول الملايين من الشعب العراقي إلى قتيل أو مفقود، أو سجين، أو مطارد، أو لاجئ في آفاق الدنيا.
وكان من نتيجتها أن تحول كل من يحمل اسم عمر إلى مطارد، لأنه يحمل اسم عمر، وكان من نتيجتها أن كانت محاولة لإخفاء معالم الحضارة الإسلامية في العراق، وتم الاعتداء على المساجد التاريخية بهدف إزالة وجودها، وتم الاعتداء على المدارس التاريخية التي كان قد درس فيها صفوة علماء الأمة الإسلامية في العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، وتم الاعتداء على آثار علماء ربانيين كأبي حنيفة وغيره، بهدف محو كل ذلك، وكأنها ما كانت حضارة إسلامية ذات يوم في العراق.
وإلى جانب ذلك، تم الاعتداء على الوجود الفلسطيني في العراق عن سبق إصرار، وتعرض الوجود الفلسطيني إلى الاغتيال لأنه فلسطيني، وأما من نجوْا من شعبنا الفلسطيني من هذه الاغتيالات، فقد لجأوا مضطرين، وهم اللاجئون أصلًا، إلى أستراليا وماليزيا، وصولًا إلى قبرص وبعض الدول الأوروبيّة.
وذات عام سافرت إلى ماليزيا، والتقيت بالبعض هناك من هؤلاء المنكوبين الفارّين بأرواحهم من العراق بعد استفحال اغتيال الكثير منهم على يد تلك المليشيات العسكرية العراقية وكيلة إيران في العراق، فسمعت من أولئك المنكوبين الفارين بأرواحهم من العراق ما يشبه الخيال مما لاقوه من تلك المليشيات العسكرية العراقية وكيلة إيران في العراق!!
فمن يصدق أن تلك المليشيات كانت تتعقب بيوت الفلسطينيين بخاصة في العراق، وكانت تعلق لافتة على باب البيت، وكانت تكتب تحذيرا على تلك اللافتة مفاده أن معك أيها الفلسطيني صاحب هذا البيت مهلة زمنية من عدة أيام حتى ترحل عن هذا البيت، وأن لم ترحل خلال هذه المهلة الزمنية فلا تلومنّ إلا نفسك!!
وهكذا تم تفريغ العراق من الوجود الفلسطيني كما حدث في سوريا، وهكذا سقط أساس ثان من أسس حق العودة الفلسطينية في العراق!! وهكذا أوقعت إيران هذه المأساة الكبرى على الشعب العراقي بعامّة في العراق، وعلى الوجود الفلسطيني اللاجئ بخاصة في العراق.
وهكذا تم كل ذلك تحت مظلة التفاهم الأمريكي – الإيراني في العراق الذي كان متفقا عليه أو مسكوتا عنه في أضعف احتمال بين أمريكيا وإيران، فكان أن تمادت إيران بإيقاع تلك المأساة الكبرى في العراق، وإلى الآن لا تزال تتمادى ونحن في منتصف عام2025، لدرجة – وكما سمعت من باحث سياسي- أن إيران لا تزال تحاول منع انتخاب رئيس للعراق إذا لم يكن شيعيا ومواليا لإيران!!
وها هي إيران تقوم بكل ذلك وكأن العراق تحولت إلى مزرعة للمصالح الأمريكية والإيرانية. فتزامنا مع ما تقوم به إيران في العراق، ها هي أمريكيا تصنع حياة الدلال والترف والرفاه لجيشها في العراق في المنطقة الخضراء وأكنافها المتشعبة في العراق. وها هي أمريكيا قد تداعت على خيرات العراق وقد أكلت منها حتى التخمة، ولا تزال على هذه الحال منذ اجتياح النفوذ الإيراني للعراق بعد سقوط نظام صدام حسين!!
وأما المأساة الكبرى التي أوقعتها إيران على اليمن فهي قريبة من المأساة الكبرى التي أوقعتها إيران على سوريا وعلى العراق، وقد طالت هذه المأساة الملايين من الشعب اليمني، وطالت أرقى المعاهد العلمية في اليمن مثل جامعة (الإيمان)، وطالت صفوة من علماء الأمة الإسلامية المعاصرين الذين يُشار إليهم بالبنان ويُعتبرون من أعلم أهل الأرض كالإمام عبد المجيد الزنداني الذي مات طريدا غريبا شريدا في تركيا، بعد أن نجا من مقصلة الاغتيالات في اليمن.
ولا شك أن الأقمار الصناعية الأمريكية قد رصدت كل تفاصيل هذه المأساة الكبرى التي أوقعتها إيران على اليمن، ولكنها غضت الطرف عنها، كما غضت طرفها عن المأساة الكبرى التي أوقعتها إيران في كل من سوريا والعراق.
وهكذا بقي سيد الموقف الذي يجمع بين أمريكا وايران هذه التفاهمات الأمريكية-الإيرانية المتفق عليها سلفًا، أو المسكوت عنها في أضعف الاحتمالات.
ويوم أن تم الاتفاق بين أمريكا والحوثيين في اليمن، لا أستبعد أن إيران كان لها دور أساسي في إبرام هذا الاتفاق. ولعل القضية التي لم يتحدث عنها إلا القليل النادر، هي حال غير الشيعة الإيرانيين في إيران، سواء كانوا من أهل السنة الإيرانيين أو من قوميات أخرى كالعرب والأكراد والبلوش والتركمان وغيرهم.
ففي الوقت الذي تتمتع فيه الأقلية اليهودية والمسيحية بكل حقوقها في إيران، فإن هذه المجموعات لا تزال مقموعة مطاردة. وقد صدمتني مقالة كان قد كتبها دكتور عصام العريان، أحد قيادات الإخوان المسلمين البارزة في مصر، حيث كان قد كتبها بعد زيارة له لإيران، وكانت قد نشرتها مجلة “المجتمع” الكويتية، ومما أذكره من تلك المقالة أن المرحوم الدكتور عصام العريان أشار فيها إلى أن الجيل الفتي في إيران بعد الثورة الخمينية، هو أبعد ما يكون عن الالتزام الديني، كما أشار في تلك المقالة إلى أن أهل السنة في إيران لا يجوز لهم بناء مساجد في طهران ، وعندما بحث عن مسجد ليؤدي فيه صلاة الجمعة لم يجد ذلك إلا في مبنى السفارة السعودية يومها ومن أكد هذه الرواية شهادة الأستاذ عبد الله النفيسي التي أدلى بها بعد أن زار طهران.
ومع ذلك، نحن ندين الهجوم الأمريكي-الإسرائيلي على إيران، وحاشى لله تعالى أن نتماهى معه، ولكن من حقنا، أن نقف هذا الموقف. ونحن نؤكد سلفًا أننا ندرك ما قامت به إيران في سوريا والعراق واليمن وأفغانستان، ومن حقنا أن نتساءل حول أحداث حديثة العهد وقعت في إيران، ولا يزال يكتنفها الغموض، وعلى سبيل المثال اغتيال قيادي فلسطيني في إيران لا يزال صندوقًا أسود.
وما يثير التساؤل كذلك قول ترامب خلال الأيام القريبة الماضية إن إيران لم يكن لديها المعلومات الكافية حول قصف المفاعل النووي “فوردو” في إيران، فما المقصود بهذا التعبير (المعلومات الكافية)؟ وهل حدث إطلاع مجمل لإيران عن إقدام أمريكا على قصف هذا المفاعل “فوردو” في حدود قصف قائم على التفاهمات الأمريكية-الإيرانية القائمة أصلًا؟ وهل تم وقف إطلاق النار بعد الصدام الإيراني-الإسرائيلي وفق هذه التفاهمات القائمة أصلًا بين أمريكا وإيران؟ وهل… وهل… هناك تساؤلات كثيرة، تجعلنا نقول إن هناك صناديق سوداء كثيرة في إيران تشمل ظاهرة اغتيال علماء الذرة الإيرانيين، وظاهرة تغلغل التجسس على إيران حتى النخاع في إيران، وظاهرة غفلة إيران عن البعض الذي قام ببناء قواعد عسكرية في إيران، ثم قامت هذه القواعد بقصف إيران خلال هذا الصدام الإيراني-الإسرائيلي، وظاهرة أن إيران لم تنجح حتى الآن بعد الثورة الخمينية في بناء علاقة استراتيجية قائمة على الثقة بينها وبين أي دولة عربية أو مسلمة، وظاهرة أن إيران لم تبادر إلى حل مشاكلها الحدودية مع بعض الدول العربية حتى الآن، وظاهرة أن إيران لا تزال تتعامل مع الأمة الإسلامية والعالم العربي كأنها شيء آخر يختلف عن هاتين الدائرتين، وكأنها ترفع شعار إيران العظمى فوق هاتين الدائرتين.
ولله يا شيخ ما حد عارف مين مع مين ومين ضدد مين. يا ترا هاي اخر الزمان. ما حد عارف. مين الصادق ومين الكاذب. فيهم معقول اسرائيل. تمثل انها على حرب مع إيران. معقول الحرب،خاي حرب الخدعه لقتل المسلمين. انا احساسي. الحرب هاي المهدوف فيها. دول الخليج. اخص السعوديه ترامب بلعب على كل الاحبال لا يقطع احبالهم كلها. وهو يحكم الشرق الأوسط لا مسلم ولا يهودي أمريكا زرعت إيران قاعده لهم وزرعه الصهاينه
التعليقات